Tuesday, September 28, 2010

الموضة بين الفوضى والعلم



 بقلم : مصممة الأزياء آية عبدالله

يحكى أنه كان بالعراق تاجر قد اشترى صفقة من الأقمشة السوداء ركدت جميعها لديه، واللون الأسود في ذاك الزمان لم يكن مرغوباً، فلا يباع ولا يشترى، مما أوقع التاجر في أزمة مالية خانقة حيت استثمر جميع ماله في هذه الصفقة.

 وبينما هو بحالته هذه إذا بصديقه الشاعر المعروف ربيعة بن عامر الدرامي يأتي لزيارته فلما رأى اكتئابه سأله ما به فروى التاجر له قصة هذه الأقمشة السوداء الراكدة لديه والتي تعرضه للإفلاس وللديون، فقال له ربيعة: وإن جعلت من هذه الأقمشة الراكدة لديك سبب سعدك؟ فقال له التاجر: ساعتها لك ما ستأمر به.

فأنشد ربيعة هذه الأبيات التي تغنى بها مطربوا ذلك الزمان:

قل للمليحة في الخمار الأسود            ماذا صنعت بزاهد متعبـد ؟
قد كان شمر للصلاة  ثيابـه               حتى وقفت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه               لا تقتليـــه بحق ديـن محمـد



وسرعان ما انتشرت هذه الأبيات في العراق وأسرعت النساء إلى شراء الأقمشة السوداء والتي بالطبع لم تكن متوفرة إلا عند هذا التاجر الذي ربح منها ربحا فاق تصوره وكانت سبب تحول حالته النفسية والمادية.

ومنذ ذلك الزمن فطن مصمموا الأزياء إلى فن الدعاية والإعلان وضرورة مخاطبة زبائنهم بشكل متواصل عن الموضة وعن أحدث صيحاتها وألوانها وخطوطها، ومن ثم تحول تصميم الأزياء إلى علم يجمع بين علم النفس وعلم الاجتماع والفنون الجميلة وبعض العلوم ذات الصلة. وذلك لدراسة أبعاد الجسم البشري، وكيفية التحليل النفسي لصاحب هذا الجسم، وكيفية تمازج الألوان وتأثيرها، وكيفية الإطلالة والإشراقة والتعامل مع الإضاءة وغيرها الكثير من العوامل التي طورت الموضة تماما وجعلتها تختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر.
ومن بين هذه الدراسات أيضا دراسات تهتم بنوع الأقمشة وكيفية تنظيفها من حيث درجة الحرارة المناسبة، ومن حيث التنظيف اليدوي أو بواسطة الغسالات أو بماكينات البخار، ومن حيث نوعية المسحوق الذي ينصح به، ومن حيث مكان التجفيف إما في الظل أو في الشمس أو من خلال مجففات صناعية، ومن حيث طريقة التخزين، وهكذا من تفاصيل تهتم بالعناية بالأزياء منذ أن كانت قطعة قماش حتى صارت ثوبا كاملا جاهزا للبيع.

ومن هذه الساحة الأدبية أتقدم بالشكر لشركة المنظفات persil على إتاحتها الفرصة لي لأتواصل مع القراء الباحثين والباحثات في عالم الأزياء والموضة عما يستهويهم ويناسبهم لأعرض عليهم أفكاري وتجاربي ونصائحي إن جاز لي أن أنصح غيري، ولكي أستمع منهم أيضا لما يشيروا علي به.

وإلى لقاء جديد بموضوع جديد في العدد القادم بإذن الله.

No comments:

Post a Comment